عاش اللبنانيون إرهاصات ماراتون سياسي عربي من الرياض إلى دمشق إلى الدوحة وصولا إلى بيروت عنوانه تكريس إتفاقي الطائف والدوحة وصناعة إتفاق جديد في بيروت، وبمظلة (سورية – سعودية – قطرية)،فكما انهى اتفاق الطائف الحرب الأهلية وكذلك اتفاق الدوحة أحداث 7 أيار المفصلية، يأتي (الدوحة– 2) كمحاولة لإنهاء التداعيات المرتقبة للقرار الظني، المفترض ولادته إسرائيليا بلسان رئيس أركانها أشكينازي والصحف المؤيدة للنهج الأميركي وغيرها من الأبواق اللبنانية المراهنة على قرار ظني ينقذها ويخلصها من خصم سياسي لم تستطع هزيمته بالعطاءات المالية لجيفري فيلتمان.
إن القرار الظني المفبرك يمثل الطلقة الأخيرة في رأس المقاومة لإراحة خصومها السياسيين في الداخل وأعدائها الخارجيين مع التحضيرات القائمة لضرب إيران بعد تشديد الحصار عليها.
لكن الوقائع تؤكد على الثوابت التالية:
-أن المقاومة لا تقبل التسوية سواء كانت على حساب دم الحريري أو على حساب مجاهديها ،بل تريد الحقيقة المثبتة غير المشوهة وغير المفبركة لأن ذلك يكشف القاتل والمجرم الحقيقي الذي يتم التستر عليه
- محاكمة شهود الزور لحماية الحقيقة والمحكمة من التضليل والفبركات ،ومحاصرة المزورين حتى لا يعيدوا فعلتهم بعد فشلهم بإسقاط النظام السوري .
-رفض تأجيل القرار الظني بمضمونه المفبرك ،لأن في ذلك تأجيلا للمشكلة بانتظار توفر اللحظة المناسبة للإدارة الأميركية، للإنقضاض على المقاومة ولأن التأجيل أيضا يعني القبول بالاتهام و بالحكم الصادر بالإعدام السياسي للحزب وحلفائه ،بانتظار تنفيذه ميدانيا أو بانتظار العفو مقابل مقايضات على رأسها سلاح المقاومة ،فإن لم يقبل الحزب هذه المقايضة سيتحول إلى متمرد على القانون الدولي ومطلوب للعدالة.
خاصة وأن مساعد وزير الحرب الأميركي للعمليات الخاصة قد زار لبنان بالتزامن مع زيارة الرؤساء والملوك العرب تحضيرا لشيء يتزامن مع صدور القرار الظني القاتل، والذي يتمنى البعض أن يكون بديلا عن حرب إسرائيلية قادمة .
هل تنجح قطر وبإسناد سوري – سعودي من إطفاء النار المغطاة برماد التصريحات الملتبسة وهل يتعظ البعض من محاولاته الفاشلة منذ الحرب الأهلية عام 1975 والاجتياحات الإسرائيلية...
وهل يمكن للبعض أن يأخذ بنصيحة النائب وليد جنبلاط الداعية للإختيار بين رفيق الحريري وسعد الحريري... واضعا تجربته الشخصية بتصرف من يريد، حيث اختار وليد جنبلاط على كمال جنبلاط، وعندما انقلب على هذا الخيار بعد حوالي ثلاثين عاما، كاد يخسر الطائفة فعاد إلى خياره الأول بأن اختار وليد جنبلاط والوراثة السياسية .
إن لبنان بين خيارين لا ثالث لهما ،أما افتعال الحريق الشامل الذي لن ينجو منه أحد ، ويقضي على كل المنجزات اللبنانية لكل الأطياف ويعيد لبنان إلى نقطة الصفر قبل اتفاق الطائف، والخيار الثاني أن يتسلح اللبنانيون بالوعي وعدم الإستقواء بالخارج لأن التجارب أثبتت في لبنان والعالم، أن الخارج يبقى طالما أن مصالحه مؤمنة ويفر مذعورا عندما يشعر بالخسارة ،حصل ذلك في لبنان مع الاحتلال الإسرائيلي و مع القوات المتعددة الجنسيات ، و في الجزائر مع الفرنسيين وفي فيتنام مع الأميركيين وفي أفغانستان مع الروس، وما سيجري مع الأميركيين في العراق وأفغانستان.
العدالة المشوهة لا تحمي أحد بما فيهم الشهداء المظلومون، ولا بد من محاكمة شهود الزور والتعاون الوطني والعربي لإظهار الحقيقة عبر وضع المعلومات والأدلة التي بحوزة الجميع لتأسيس جبهة واحدة تضم كل اللبنانيين والعرب، تتبنى رفيق الحريري شهيدا لكل لبنان ودمه مسؤولية الجميع ،وأنه قضية وطنية وليست عائلية أو مذهبية، ليكون كل اللبنانيين جنودا للحقيقة لإنقاذ لبنان وإنقاذ الشهيد الحريري من الاستغلال والتضليل.
هل يتجرأ اللبنانيون لإعلان وحدتهم بمواجهة المتربص الإسرائيلي أم يسقطون في فخ الفتنة كما سقطوا مرارا...؟.